نجاح الشركات اليوم ونموها لم يعد مرتبطًا فقط بامتلاك منتج جيد أو خدمة متميزة، ولكن الأهم هو العنصر البشري باعتباره المحرك الأساسي لأي نجاح. وما يميز شركة عن أخرى في إدارة العنصر البشري بفعالية، هي القدرة على وضع الاستراتيجيات التي تساهم في قياس الأداء، وتقييمهم بشكل دوري.
وهنا يأتي دور نظام HR الحديث والذي لم يعد مجرد أداة لحفظ بيانات الموظفين، ولكنه أصبح منصة ونظام متكامل يساعد على تحليل مؤشرات الأداء الخاصة بكل موظف وتقييم الأداء. وذلك من أجل الاستثمار في رأس المال البشري وتطويره بما يتسق مع أهداف الشركة.
وهنا يظهر السؤال الأهم، ما هي أهم مؤشرات الأداء الرئيسية في نظام الموارد البشرية والتي يجب أن تعتمد عليها الشركات؟ وكيف يمكن لهذه المؤشرات أن تعكس نجاح الشركة وتكشف عن نقاط الضعف التي بحاجة إلى تطور؟ وهذا هو ما سنتعرف عليه من خلال هذا المقال.
ما هي مؤشرات الأداء الرئيسية في الموارد البشرية؟
هي المؤشرات القابلة للقياس، وتُستخدم من أجل تقييم الموظفين، وتقييم فعالية قسم الموارد البشرية في تحقيق أهداف الشركة. وتعتمد تلك المؤشرات في قياس العديد من النقاط، على سبيل المثال، كفاءة الموظف، رضا الموظفين، العائد على الاستثمار من التدريبات، وغيرهم الكثير.
وبشكل عام، يُمكن تقسيم مؤشرات الأداء إلى أربع فئات رئيسية. وهي كالتالي:
- مؤشرات التوظيف والتعيين.
- مؤشرات الأداء والإنتاجية.
- مؤشرات الاحتفاظ بالموظفين ومدى رضائهم.
- مؤشرات التدريب والتطوير.
أهم مؤشرات الأداء الرئيسية في نظام الموارد البشرية
-
مؤشرات التوظيف والتعيين
أول خطوة في أي نظام HR هي عملية الاختيار والتعيين، ويجب التأكد من وضع مؤشرات الأداء القابلة للقياس قبل البدء بعملية التوظيف للتأكد من فعاليتها، وذلك لتجنب إهدار الوقت والمال دون تحقيق الأهداف المطلوبة. ومن مؤشرات الأداء التي يمكن اعتمادها في تلك المرحلة:
-
وقت التوظيف
والمقصود بوقت التوظيف هنا، متوسط عدد الأيام من وقت تاريخ نشر إعلان الوظيفة وحتى وقت تاريخ قبول المرشح للعرض.
وترجع أهمية قياس وقت التوظيف، لأن الوقت الطويل في التوظيف قد يعني أن شركتك قد تفقد المواهب لصالح المنافسين. بالإضافة لما يمكن أن يسببه ذلك من فجوة في العمل، والتأثير على الإنتاجية.
ولكن من خلال وضع مؤشرات الأداء القابلة للقياس من خلال نظام HR فعال، ستتمكن من تحقيق التالي:
- تحديد نقاط الضعف في عملية التوظيف.
- تقليل طول فترة المقابلات.
- التحكم في بطء الرد على المرشحين.
وذلك من خلال تبسيط خطوات التوظيف، والاستعانة بالأنظمة الحديثة والمؤتمتة التي تساهم في تعزيز فعالية تلك العملية.
-
تكلفة التوظيف
وهي التكلفة الإجمالية لتعيين موظف جديد، والتي قد تشمل أيضًا تكلفة الإعلانات، تكاليف شركات التوظيف في حالة الاستعانة بها، وغيرها من التكاليف الأخرى.
ومن خلال تحديد مؤشرات الأداء المتعلقة بتكلفة التوظيف، ستتمكن من الحصول على بيانات شاملة عن التالي:
- رؤية شاملة عن مدى كفاءة وفعالية ميزانية التوظيف.
- هل تُنفق الكثير من المال دون الحصول على المرشحين المؤهلين؟
- هل قنوات التوظيف المُستخدمة ذات فعالية أم لا؟
ومن خلال قياس تلك المؤشرات ستتمكن من تقييم فعالية كل قناة توظيف، وتحديد الأكثر كفاءة من حيث التكلفة والنتائج.
-
معدل قبول العروض
والمقصود به هو نسبة المرشحين الذين قبلوا عرض العمل مقارنةً بالعدد الإجمالي للعروض المقدمة.
وتتمثل أهمية هذا المؤشر في حالة انخفاضه إلى وجود مشكلة ما، على سبيل المثال:
- قد يكون الراتب غير تنافسي.
- ثقافة الشركة غير جذابة.
- عملية المقابلات تتسم بالسلبية.
ومن خلال قياس تلك المؤشرات، يمكنك التواصل مع المرشحين الذين رفضوا العروض، من أجل فهم أسبابهم ومن ثم العمل على تحسين أي نقاط ضعف لتفاديها مستقبلًا.
-
مؤشرات الأداء والإنتاجية
تقييم الموظفين وقياس أدائهم، يساعد على فهم مدى كفاءة القوة العاملة لديك وتحديد مجالات التحسين. وهو ما يمكن تتبعه من خلال المؤشرات التالية:
-
معدل إنتاجية الموظف
قد يختلف هذا المؤشر بحسب طبيعة عمل كل قسم، في المبيعات على سبيل المثال قد تكون مؤشرات الأداء هي ما يحققه كل موظف من مبيعات. في التصنيع، قد يكون عدد الوحدات التي ينتجها كل موظف.
هذا المؤشر يمنح الشركة رؤية عن مدى تأثير الموظفين على الأهداف المالية للشركة، فمن خلاله يمكن تحديد التالي:
- تحديد الموظف الأعلى أداءً.
- تحديد نقاط الضعف في المهارات التنفيذية.
- تحديد مؤشرات التدريب المطلوبة.
من خلال تفعيل هذه المؤشرات وقياسها في نظام HR، ستتمكن بسهولة من تقييم الموظفين، وتحديد الأداء الفردي لكل منهم، وتعيين المكافآت، وتقوية نقاط الضعف من خلال الدورات التدريبية.
-
معدل الغياب
وهو نسبة الوقت الذي يغيب فه الموظف عن العمل لأسباب مفاجئة مثل المرض.
وهو من مؤشرات الأداء الهامة، ومن خلال تتبع ذلك المؤشر يمكن الحصول على بيانات كالتالي:
- التأثير المباشر على الإنتاجية.
- مدى زيادة عبء العمل على الآخرين.
وفي حالة وجود أي من تلك المؤشرات، يجب سرعة العمل على معالجتها من خلال وضع الخطط البديلة لانفيذها في حالة غياب الموظفين المفاجئ. وذلك حتى لا يتأثر العمل بشكل سلبي.
-
مؤشرات الاحتفاظ بالموظفين ورضاهم
توفير بيئة عمل إيجابية تُساهم في جعل الموظفين سعداء وتمنح الاستقرار لهم وتعزز من إنتاجيتهم، لهذا يجب العمل على الحفاظ على ذلك من أجل الاحتفاظ بالمواهب التي تمتلكها الشركات. وذلك من خلال قياس مؤشرات الأداء التالية:
-
معدل دوران الموظفين
وهي نسبة الموظفين الذين يتركون الشركة خلال فترة زمنية محددة.
وتتمثل أهمية هذا المؤشر وارتفاعه في التالي:
- خسارة الشركة العديد من المواهب والخبرات.
- زيادة في تكاليف التوظيف.
- التدريب بشكل متكرر.
عند وجود تلك المؤشرات وقياسها، وتحليلها ستتمكن من معرفة البيانات التالية:
- هل يترك الموظفون الجدد الشركة بسرعة؟
- هل هناك قسم يعاني من معدل دوران مرتفع؟
الإجابة على تلك الأسئلة، ستوفر بيانات عن سبب المشكلة في ارتفاع معدل الدوران للعمل على حلها بشكل فوري.
-
معدل رضا الموظفين
ويتم قياس مؤشر الأداء الخاص برضا الموظفين من خلال الاستبيانات الدورية.
وترجع أهميته، لأن في حالة تحقيق هذا العنصر ستحصل على إنتاجية أكثر كفاءة وفعالية، وستتمكن من تعزيز ولاء الموظفين.
ومن خلال جمع بيانات الاستبيانات وقياسها ووجود مؤشرات عن انخفاض رضا الموظفين، قُم بمعرفة السبب والعمل على حله، على سبيل المثال إذا كان السبب يتمثل في عدم وجودفرص للتطوير أو صعوبة التواصل الداخلي، قُم بالتالي:
- الاستثمار في البرامج التدريبية.
- تحسين قنوات التواصل.
-
مؤشرات التدريب والتطوير
الاستثمار في تدريب الموظفين ليس مجرد رفاهية، بل هو ضرورة لتعزيز الأنتاجية وتحسين كفاؤة الأداء. وكي تتأكد من فعالية ما تقدمه من تدريبات يجب تقييم البرامج التدريبية من خلال مؤشر الأداء التالي:
-
معدل العائد على الاستثمار في التدريب
وهو مقياس للقيمة المالية التي تعود على الشركة مقابل كل ما يتم إنفاقه على التدريب. على سبيل المثال، إذا أنفقت الشركة 5000 ريال على برنامج تدريبي للمبيعات، وزادت المبيعات ب 15000 ريال نتيجة ذلك، فإن العائد على الاستثمار هو 200%.
وترجع أهمية مؤشرات الأداء في نظام HR المسؤولة عن قياس البرامج التدريبية، عن مدى إيجابية التدريب وتأثيره على العمل.
ويمكن قياس مؤشر الأداء هنا من خلال التالي:
- مقارنة أداء الموظفين قبل وبعد التدريب.
- هل تحسنت الإنتاجية الخاصة بهم أم لا؟
- هل اتخفضت الأخطاء السابقة؟
ختامًا:
الاستثمار في نظام HR قوي، ووضع مؤشرات الأداء الرئيسية المناسبة مع حجم العمل بالشركة. أصبح ضرورة حتمية لأي شركة تسعى للنمو والاستدامة والنجاح، فمن خلال وضع تلك المؤشرات وتتبعها وتقييم الموظفين بشكل دوري. ستتمكن من اتخاذ القرارات المستنيرة والمبنية على بيانات حقيقية، تحسين كفاءة العمليات، تقليل التكاليف الغير ضرورية، تعزيز بيئة العمل، وغيرها الكثير.
لهذا إذا كنت صاحب عمل، أو مدير لإدارة الموارد البشرية وترغب في تحقيق أقصى استفادة من رأس المال البشري لديك، وتعزيز إنتاجيتهم، والاستفادة من خبراتهم وما يمتلكونه من مواهب وقدرات. ابدأ بوضع الأهداف المطلوب تحقيقها، وربطها مع أهداف الشركة. والاستعانة بمؤشرات الأداء الرئيسية في نظام الموارد البشرية، والعمل على تتبعها وقياسها بشكل دوري لتحسين نقاط الضعف، وتعزيز نقاط القوة لديك.
إضافة تعليق جديد