تخيل أن تمتلك أداة ذكية داخل شركتك تعمل على اختصار وقت موظفيك إلى النصف، وتقلل التكاليف، وتضاعف رضا العملاء، وتعزز إنتاجية العمل. سيناريو يسعى إليه كل صاحب عمل يتطلع لتطوير شركته، أليس كذلك؟ لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن الوصول إلى هذا السيناريو قد يبدو سهلًا، بينما هو في الحقيقة يحتاج إلى خطوات أساسية قبل البدء في التنفيذ.
فكثير من أصحاب الأعمال يواجهون إخفاقات مبكرة عند الشروع في تنفيذ مشروع تقني داخلي، ليس بسبب ضعف الفكرة، بل نتيجة غياب الأساسيات: دراسة الجدوى، وضع خطة مشروع محكمة، والرؤية الواضحة لاحتياجات الشركة. وهو ما يؤدي إلى استنزاف الميزانيات والتخبط في الإدارة.
في هذا المقال، سنوضح لك كصاحب عمل ما يجب معرفته قبل البدء بمشروع تقني داخلي، حتى تتجنب أي إخفاقات محتملة وتزيد فرص نجاح مشروعك.
لماذا تحتاج الشركات إلى مشروع تقني داخلي؟
قبل البدء في تنفيذ المشروعات التقنية، يجب أولًا أن تسأل نفسك؛ ما القيمة الي سيضيفها المشروع للعمل؟ والإجابة على هذا السؤال تكمُن في تحديد احتياجات الشركة، على سبيل المثال:
- تحسين الكفاءة التشغيلية: فمن خلال المشاريع التقنية الداخلية، ستتمكن من أتمتة المهام المتكررة وتقليل الأخطاء البشرية، وتوفير الكثير من وقت وجهد الموظفين للتركيز على المهام الأكثر أهمية.
- دعم اتخاذ القرارات: تعمل الأنظمة التقنية على جمع وتحليل البيانات بشكل أكثر دقة، وهو ما يمنح الشركات رؤى شاملة تساعد في اتخاذ القرارات الاستراتيجية بكفاءة أكبر.
- تعزيز التنافسية: أي مشروع تقني متوافق مع احتياجات الشركة، يمنحها ميزة تنافسية ويساعدها على تحقيق النمو والاستدامة.
الخطوات الأساسية قبل البدء بأي مشروع تقني داخلي
اتفقنا في البداية أن تنفيذ المشروعات التقنية، يجب أن يبدأ أولًا بعدد من الخطوات الأساسية. وذلك لضمان عدم حدوث أي إخفاقات، وتتمثل تلك الخطوات في التالي:
أولًا: دراسة الجدوى
الغرض من دراسة الجدوى، هو معرفة مدى واقعية أي مشروع تقني ترغب في تنفيذه. وذلك من خلال المقارنة بين التكلفة والوقت في بناء مشروع تقني داخلي، مقابل تكلفة ووقت شراء حلول تقنية جاهزة. وتتمثل خطوات دراسة الجدوى في النقاط التالية:
- تحليل احتياجات العمل: ابدأ أولًا بتقييم احتياجات الشركة، وتحديد المشاكل التي تريد حلها بدقة. وما هي التحديات التي تواجهها الشركة؟ على سبيل المثال، هل هي في إدارة علاقات العملاء؟ أم في تتبع وإدارة المخزون؟، أم في تعزيز قنوات التواصل الداخلية؟ كلما كان فهم المشكلة وتحديدها أكثر عمقًا، كلما كان مشروعك التقني أكثر كفاءة وفاعلية.
- تقدير التكاليف: تكلفة بناء وتنفيذ مشروع تقني داخلي، لا تكمن فقط في تكاليف التطوير الأولية، ولكن هناك أيضًا تكاليف خفية تظهر فيما بعد. ومنها:
- تكاليف الصيانة والتحديثات: المشاريع التقنية بحاجة دائمة إلى صيانة وتحديثات دورية، وذلك لمواكبة التغيرات والتطورات. والقدرة على تلبية احتياجات المستخدمين بكفاءة.
- تكاليف البنية التحتية: هل يحتاج مشروعك التقني إلى خادم خاص؟، أم ستعتمد على خدمات الحوسبة السحابية؟
- تكاليف التدريب: العمل من خلال مشروع تقني داخلي، يجب أن يسبقه تدريب الموظفين على كيفية استخدامه والتعامل معه. وذلك لضمان تحقيق الهدف منه.
- تحليل المخاطر: أي مشروع تقني من المحتمل أن يواجه مخاطر أثناء العمل، قد تتمثل تلك المخاطر في بعض المشاكل التقنية (مثال: فشل في الأداء)، أو مشاكل بشرية (تتمثل في عدم تقبل الموظفين للنظام الجديد)، أو مالية (مثل، تجاوز الميزانية المحددة للمشروع).
لا تنسى أن الغرض من دراسة الجدوى، يساعد على وضوح الصورة بشكل أكبر قبل التنفيذ. فالمشروعات التقنية قد تبدو ممتازة على الورق، ولكن من خلال دراسة الجدوى قد تكتشف أن الموارد غير كافية أو الوقت غير مناسب للتنفيذ في الوقت الحالي.
ثانيًا: خطة المشروع
بعد أن قُمت بدراسة الجدوى لمشروعك التقني، والتأكد من أنه الخيار المناسب للتنفيذ. تأتي الخطوة الأهم؛ وهي وضع خطة المشروع. وتكمن أهميتها، في كونها البوصلة التي توجه الفريق لتحقيق الأهداف المطلوبة. ويجب أن تتسم خطة المشروع بالوضوح، وتتضمن العناصر التالية:
- تحديد الأهداف: ماهي الأهداف المطلوب تحقيقها من خلال هذا المشروع التقني؟ قد تتثمل تلك الأهداف في؛ زيادة المبيعات، تقليل التكاليف، تعزيز رضا العملاء. ويجب أن تكون تلك الأهداف محددة، وقابلة للقياس.
- تحديد النطاق: تنفيذ أي مشروع تقني داخلي يجب أن يكون محدد وواضح في المهام المطلوب تنفيذعا من خلاله، وذلك لتجنب ما يعرف بـ"توسع النطاق". بمعنى تحديد المزايا الأولية للمشروع، وعدم التفكير بأي مزايا إضافية قد لا تكون بحاجة إليها في التنفيذ الأولي. وذلك لضمان عدم تأخير المشروع أو تجاوز الميزانية المحددة.
- تحديد الموارد: تنفيذ المشاريع التقنية بحاجة إلى موارد مالية، وبشرية، وتقنية. لذا يجب تحديد عناصر كل منهم بدقة، على سبيل المثال، من هو فريق العمل المسؤول عن تنفيذ المشروع؟ هل ستحتاج إلى توظيف خبراء خارجيين؟ ما هي الموارد التقنية التي يجب توفيرها لبناء المشروع؟ وما إلى ذلك.
- المدة الزمنية: كي تضمن تنفيذ المشروع في الوقت المخصص له، يجب وضع جدول زمني لكل مرحلة. ووضع مواعيد نهائية قابلة للتحقيق، وتتبعها بشكل مستمر للتأكد من الالتزام بها.
- إدارة المخاطر: بعد تحليل المخاطر المحتملة التي قُمت بتحديدها في دراسة الجدوى، لا تنسى أن تضع خطة مفصلة لإدارتها عند مواجهتها. وذلك لتتمكن من تجنب أي خسائر أو اخفاقات مرتبطة بها.
- قنوات التواصل: نجاح أي مشروع تقني، يكمن في التواصل الفعال بين أفراد فريق العمل، ومع أصحاب القرارات (stakeholders). لذلك يجب تحديد آليات التواصل قبل البدء في التنفيذ، وأثناء وضع خطة المشروع.
تذكر، أن خطة المشروع يجب أن يتم متابهتخا بشكل دوري، للتأكد من سير المشروع وتعديلها عند الحاجة.
ثالثًا: تحديد فريق العمل
ضمان نجاح تنفيذ خطة المشروع التقني، يجب أن تتضمن اختيار فريق العمل المناسب. والذي يتمثل في التالي:
- المهندس التقني: يجب أن يكون شخص ذو خبرة في تصميم الأنظمة التقنية.
- مدير المشروع: وهو الشخص الذي يعمل على تتبع تنفيذ خطة المشروع يدقة، وحل المشاكل التي يواجهها الفريق، وإدارة التحديات، وتوفير بيئة عمل أيجابية لباقي أعضاء الفريق.
- المطورورن: وهم الأفراد المسؤولة عن التنفيذ التقني والبرمجة.
- المصمم: وهم المسؤولين عن التصميم البصري للمشروع، وتصميم واجهات بما يلبي احتياجات المستخدمين.
- اختبار الجودة: يأتي دور أخصائي اختبار الجودة، للتأكد من أن النظام خالٍ من أي أخطاء أو مشاكل قبل الإنطلاق.
وفي حالة لم يكن لدى الشركة فريق متخصص لتأدية تلك الأدوار، يمكن الاستعانة بفريق خارجي متخصص وذو خبرة.
ختامًا:
تنفيذ مشروع تقني داخلي ليس مجرد قرارًا عابرًا، ولكنه خطوة استراتيجية تحتاج إلى دراسة وتخطيط جيد. وذلك من خلال البدء أولًا بعمل دراسة الجدوى والتأكد من توافق المشروع مع الموارد المالية المتاحة، ووضع خطة المشروع لضمان التنفيذ من خلال خطة منظمة.
وقبل كل ذلك تأكد من تحديد وفهم احتياجاتك بدقة، وتحديد الأهداف المطلوب تحقيقها، بشكل قابل للقياس لمتابعتها بشكل دوري والتأكد من فاعلية المشروع في تنفيذها.
إضافة تعليق جديد